في العادة وفي عالم الخدع السحرية غالبا ما يتم اخراج الأرنب من القبعة، او طائر معين ، لكن هنا بأرض الرحامنة حيث كل شيء له طابع خاص ومميز ، تميز يصبيك بالدهشة لا لشيء سوى لغرابته وعدم منطقيته، فالمنطق هنا يحتاج لكثير من المنطق حتى يصبح الامر منطقيا وهو ما لا يحدث في كثير من الأحيان ، فتبقى الامور في شكل فوضى ،لكنها ليست فوضى خلاقة مع الاسف، فالكثير من المهتمين ومن المختصين وحتى من الفضوليين، تابعوا فصول العرض الفكاهي الساخر الذي بعت في النفس الكثير من الضحك – لكنه ضحك كالبكاء- حينما تم اقحام الجرار عنوة في قبعة الساحر، وعوض ان يخرج ارنبا او طائرا كما هو متوقع،أخرج “وردة” باهث لونها ، لم تسر الناظرين، في خضم هذا المشهد السريالي الذي بعث على التقزز، حيث لم يتسنى للكثيرين- ممن وجدوا أنفسهم فجأة يرددون نشيدا اخر، غير الذي تعودوا عليه- لم يتسنى لهم أن يستوعبوا الأمر لأن كل شيء حدث كلمح البصر بأمر ممن منحت له الصلاحية ” يفصل ويخيط كي بغا في الحزب ” رغم أنه وافد جديد على الحزب والمدينة ، لكن وكما هو معلوم فلغة المال تبسط كل شي واي شيء ، وهذا ما حدث فقد ترجل الكل عن الجرار -الذي حملهم حين كان أغلبهم يمشي إما حافي القدمين او بحذاء لكنه مهترئ من كترث المشي- ترجل الكل الا قلة قليلة ممن صادقوا الناس ماعاهدوه عليهم ، وبقوا متشبتثين بمبادئهم في موقف سيسجله التاريخ لصالحهم، كما سيجلوا التاريخ على اصحاب الضفة الأخرى بكثير من الأسى هذا الانسحاب الجماعي والتنكر بين عشية وضحاها للحزب الأم، من هنا كانت السقطة المدوية وبداية اندحار الحزب وتقهقهره حيث لم يستطع الحصول سوى على ستة مقاعد بمدينة ابن جرير بعدما كان قد حصل في انتخابات سابقة على الأغلبية المطلقة ،فالحزب كما الأبوين لا يقبل العقوق ، ومن لا يملك “طابع الوالدين” عليه ان يحذر.
الاحزاب شأنها شأن الانسان يمر بمرحلة الضعف والقوة، وحزب البام مر بمرحلة الضعف تم القوة والان يعيش ضعفا بنيويا، ضعف يستدعي التدخل العاجل من اجل إعادة التوهج له، واول مايجب العمل عليه ويكون نقطة الانطلاق هو الاعتراف بأن مرض الحزب لم يأته من الخارج بل من الداخل ، وعدم محاولة تبرير تراجع الحزب سواء محليا او إقليميا بمبرارات واهية ، فالخطر الكبير أتى ويأتي من اولئك الذين هم على استعداد تام للنزول من الجرار في اي لحظة وفي أي مناسبة حين تكون مصالحهم ومصالحهم فقط في خطر.