لم تعد الخرجات الميدانية لعامل إقليم الرحامنة، السيد عزيز بوينيان، مجرد زيارات بروتوكولية لتفقد الأوراش، بل تحولت إلى ممارسة يومية تعكس تصوراً جديداً لتدبير الشأن الترابي، حيث يلتقي القرار الإداري مع المراقبة المباشرة، ويترجم ذلك إلى نتائج ملموسة على أرض الواقع. فالرهان لم يعد فقط إنجاز مشاريع كبرى، بل ضمان سيرها في ظروف مثالية، وبالسرعة التي تستجيب لطموحات الساكنة والتوجهات الوطنية في مجال التنمية المستدامة.
زيارة يوم الجمعة 15 غشت 2025 إلى قيادة بوشان كانت نموذجاً لهذه الدينامية؛ إذ شملت مشاريع استراتيجية يشرف عليها المكتب الشريف للفوسفاط، في مقدمتها برنامج SP2M الخاص بتوسعة مناجم الفوسفاط ووحدات المعالجة، إلى جانب برنامج الماء – محور الوسط الممتد من 2022 إلى 2027، الذي يراهن على تحقيق استقلالية مائية عبر حلول مبتكرة كتحلية مياه البحر ومعالجة المياه العادمة. وهي مشاريع لا تخدم فقط البعد الصناعي، بل تحمل بعداً اجتماعياً واضحاً من خلال ضمان تزويد المدن والمراكز المجاورة بالماء الصالح للشرب.
الزيارة كشفت أيضاً عن البعد الهيكلي للمشاريع المواكبة، وعلى رأسها البنيات التحتية الطرقية وخطوط الأنابيب التي ستربط آسفي – مزيندة – ابن جرير بطاقة ضخمة تصل إلى 100 مليون متر مكعب سنوياً. مثل هذه المشاريع، التي قد تبدو تقنية بحتة، تحمل في عمقها رهانات كبرى: تأمين الأمن المائي، تشجيع الاستثمار الصناعي، وفتح آفاق جديدة للتنمية الفلاحية بالمنطقة.
اللافت في هذه الجولة لم يكن فقط الاطلاع على نسب الإنجاز، بل حرص السيد العامل على إصدار توجيهات آنية للسلطات المحلية والأمنية قصد تجاوز أي عراقيل قد تؤثر على السير العادي للأشغال، في إشارة واضحة إلى أن نجاح المشاريع لا يقاس فقط بالميزانيات المرصودة، وإنما بمدى فعالية التنسيق بين مختلف المتدخلين.
على المستوى الاستراتيجي، تحمل هذه الأوراش بعدين متكاملين:
اقتصادي–اجتماعي يتمثل في خلق فرص شغل جديدة لفائدة شباب الإقليم، وتعزيز جاذبية الرحامنة كوجهة للاستثمارات الكبرى.
بيئي–تنموي يقوم على إدماج الطاقة البديلة وترشيد استغلال الموارد المائية، بما ينسجم مع التوجيهات الملكية الرامية إلى جعل المغرب فاعلاً أساسياً في مجال التحول الأخضر.
وبذلك، يمكن القول إن إقليم الرحامنة يعيش اليوم على إيقاع تحولات نوعية، تقوده مشاريع ضخمة تحت إشراف مباشر للسلطات الإقليمية، ما يجعله مرشحاً ليكون قطباً صاعداً داخل جهة مراكش–آسفي، ونموذجاً لتفعيل التنمية الترابية عبر رؤية مندمجة تجمع بين الميدان والتخطيط الاستراتيجي